رؤية السعودية للإصلاح- الشرق الأوسط نحو عصر جديد من الازدهار

المؤلف: منى الدحداح08.22.2025
رؤية السعودية للإصلاح- الشرق الأوسط نحو عصر جديد من الازدهار

في الآونة الأخيرة، اتجهت أنظار العالم صوب منطقة الشرق الأوسط، وذلك مع صعود قيادة سعودية جديدة تتسم بالطموح والرؤية الثاقبة، حيث يقود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروعًا إصلاحيًا ونهضويًا شاملاً يهدف إلى إحداث تحول جذري في المنطقة، يحاكي النموذج الأوروبي في الازدهار والتطور. وفي حين تواجه المملكة بعض الانتقادات والاتهامات في بعض القضايا، إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق قادة المنطقة الآخرين، الذين يتباطؤون في تبني الإصلاحات ومكافحة الفساد المستشري.

يطمح الأمير محمد بن سلمان إلى الارتقاء بالشرق الأوسط إلى آفاق جديدة من التقدم والازدهار، مستلهمًا أفضل الممارسات الأوروبية في مجالات الحكم الرشيد، وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، وتبني أحدث الابتكارات العلمية والتكنولوجية. لقد أطلق سموه سلسلة من المبادرات الجريئة والشاملة، تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وتحسين مناخ الاستثمار، وتمكين المرأة السعودية، والحد من نفوذ المؤسسات التقليدية التي تعرقل مسيرة التنمية والازدهار.

لقد قاد الأمير محمد بن سلمان حملة غير مسبوقة على الفساد المالي والإداري، استهدفت شخصيات بارزة ونافذة في الدولة، وتمكن من استعادة مبالغ طائلة للخزينة العامة، الأمر الذي عزز الثقة في المسار الإصلاحي الطموح. ويشدد الأمير محمد بن سلمان في خطاباته وتصريحاته على ضرورة أن يحذو قادة المنطقة حذو المملكة في تبني الإصلاحات ومكافحة الفساد، مؤكدًا أن التنمية المستدامة والرخاء لا يمكن أن يتحققا في ظل الفوضى والفساد والمحسوبية.

لقد أصبحت المساعدات والدعم السعودي للدول الأخرى مشروطًا بتنفيذ إصلاحات جوهرية وحقيقية، وليس مجرد وعود أو تغييرات شكلية، سواء في المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الإدارية. ويبرز لبنان كمثال حي على هذا التوجه، حيث ربط ولي العهد أي دعم سعودي بضرورة تحقيق إصلاحات حقيقية، وإطلاق مسار شفاف لمكافحة الفساد بكافة أشكاله.

أكدت المملكة العربية السعودية مرارًا وتكرارًا أنها لن تقدم أي مساعدات إلى لبنان ما لم يتم إجراء إصلاحات جذرية وجدية على المستويات الاقتصادية والمالية والقضائية، بالإضافة إلى ضرورة حصر السلاح غير الشرعي في يد الدولة فقط، ومحاربة الفساد بكفاءة وفعالية ومحاسبة المتورطين فيه، وذلك انطلاقًا من قناعتها الراسخة بأن السلاح المنفلت خارج نطاق الشرعية يمثل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق الاستقرار المنشود.

تأتي هذه الشروط السعودية الصارمة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين، وعدم استغلاله من قبل جهات فاسدة أو مليشيات خارجة عن القانون، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي الحاد والفساد المتفشي في لبنان. وتؤمن المملكة بأن هذه الإصلاحات تمثل شرطًا أساسيًا لاستقرار لبنان ونموه وازدهاره، وتمكينه من استعادة دوره المحوري والطبيعي في المنطقة، وهو ما أكده قادة المملكة في لقاءاتهم المتعددة مع المسؤولين اللبنانيين.

وكما فعلت داخليًا، تلتزم السعودية بتحويل مسار المساعدات ودعم بناء الدول القوية فقط بعد التزامها بالإصلاح الحقيقي وتجاوزها للعقبات والتحديات السياسية والاقتصادية. فالمملكة العربية السعودية لا تعارض تقديم الدعم لأي دولة عربية أو مساعدة أي شعب شقيق، ولكنها تصر بشدة على ألا تذهب هذه الأموال هباءً في مستنقعات الفساد، أو تستخدم لتقوية المليشيات والجماعات المسلحة على حساب سلطة الدولة.

إن التقاعس عن الإصلاح والتردد في اتخاذ المواقف الحاسمة هو السبب الحقيقي وراء استمرار الأزمات وتفاقمها، وليس موقف المملكة المشروط والداعي إلى بناء أنظمة اقتصادية مستدامة وقادرة على مواجهة التحديات. إن طموح الأمير محمد بن سلمان في تحويل الشرق الأوسط إلى "أوروبا الجديدة" ليس مجرد حلم فردي، بل هو رؤية عصرية طموحة تتطلب شجاعة في اتخاذ القرارات وتنفيذ الإصلاحات اللازمة. ومن يلوم المملكة على هذا الموقف، عليه أن يدقق أولاً في أوضاعه الداخلية ومشاكله الذاتية: فعهد الهبات والمساعدات غير المشروطة قد ولى إلى غير رجعة، وأصبح مفتاح التنمية الحقيقية هو الجرأة في مواجهة الفساد، وتسليم زمام الأمور إلى سلطة الدولة الشرعية، لا إلى المليشيات والفاسدين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة